سورة هود - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


{وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِى إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ} شرط ودليل وجواب والجملة دليل جواب قوله: {إِن كَانَ الله يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ} وتقدير الكلام إن كان الله يريد أن يغويكم، فإن أردت أن أنصح لكم لا ينفعكم نصحي، ولذلك تقول لو قال الرجل أنت طالق إن دخلت الدار إن كلمت زيداً فدخلت ثم كلمت لم تطلق، وهو جواب لما أوهموا من جداله كلام بلا طائل. وهو دليل على أن إرادة الله تعالى يصح تعلقها بالإِغواء وأن خلاف مراده محال. وقيل: {أَن يُغْوِيَكُمْ} أن يهلككم من غوى الفصيل غوى إذا بشم فهلك. {هُوَ رَبُّكُمْ} هو خالقكم والمتصرف فيكم وفق إرادته. {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} فيجازيكم على أعمالكم.


{أَمْ يَقُولُونَ افتراه قُلْ إِنِ افتريته فَعَلَيَّ إِجْرَامِي} وباله وقرئ: {أَجْرامي}على الجمع. {وَأَنَاْ بَرِئ مّمَّا تُجْرَمُونَ} من إجرامكم في إسناد الافتراء إلي.
{وَأُوحِيَ إلى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ ءامَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ} فلا تحزن ولا تتأسف. {بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} أقنطه الله تعالى من إيمانهم ونهاه أن يغتم بما فعلوه من التكذيب والإِيذاء.
{واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا} ملتبساً بأعيننا، عبر بكثرة آلة الحس الذي يحفظ به الشيء ويراعى عن الاختلال والزيغ عن المبالغة في الحفظ والرعاية على طريق التمثيل. {وَوَحْيِنَا} إليك كيف تصنعها. {وَلاَ تخاطبنى فِى الذين ظَلَمُواْ} ولا تراجعني فيهم ولا تدعني باستدفاع العذاب عنهم. {إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ} محكوم عليهم بالإِغراق فلا سبيل إلى كفه.
{وَيَصْنَعُ الفلك} حكاية حال ماضية. {وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ} استهزؤوا به لعمله السفينة فإنه كان يعملها في برية بعيدة من الماء أوان عزته، وكانوا يضحكون منه ويقولون له: صرت نجاراً بعدما كنت نبياً. {قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} إذا أخذكم الغرق في الدنيا والحرق في الآخرة. وقيل المراد بالسخرية الاستجهال.
{فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ} يعني به إياهم وبالعذاب الغرق. {وَيَحِلُّ عَلَيْهِ} وينزل عليه، أو يحل عليه حلول الدين الذي لا انفكاك عنه. {عَذَابٌ مُّقِيمٌ} دائم وهو عذاب النار.
{حتى إِذَا جَاء أَمْرُنَا} غاية لقوله: {وَيَصْنَعُ الفلك} وما بينهما حال من الضمير فيه أو حتى هي التي يبتدأ بعدها الكلام. {وَفَارَ التنور} نبع الماء منه وارتفع كالقدر تفور، و{التنور} تنور الخبز ابتدأ منه النبوع على خرق العادة وكان في الكوفة في موضع مسجدها، أو في الهند أو بعين وردة من أرض الجزيرة وقيل التنور وجه الأرض أو أشرف موضع فيها. {قُلْنَا احمل فِيهَا} في السفينة. {مِن كُلّ} من كل نوع من الحيوانات المنتفع بها. {زَوْجَيْنِ اثنين} ذكراً وأنثى هذا على قراءة حفص والباقون أضافوا على معنى احمل اثنين من كل صنف ذكر وصنف أنثى. {وَأَهْلَكَ} عطف على {زَوْجَيْنِ} أو {اثنين}، والمراد امرأته وبنوه ونساؤهم. {إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القول} بأنه من المغرقين يريد ابنه كنعان وأمه واعلة فإنهما كانا كافرين. {وَمَنْ ءامَنَ} والمؤمنين من غيرهم. {وَمَا ءامَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ} قيل كانوا تسعة وسبعين زوجته المسلمة وبنوه الثلاثة سام وحام ويافث ونساؤهم وثنان وسبعون رجلاً وامرأة من غيرهم. روي أنه عليه الصلاة والسلام اتخذ السفينة في سنتين من الساج وكان طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسين وسمكها ثلاثين، وجعل لها ثلاثة بطون فحمل في أسفلها الدواب والوحش وفي أوسطها الإِنس وفي أعلاها الطير.


{وَقَالَ اركبوا فِيهَا} أي صيروا فيها وجعل ذلك ركوباً لأنها في الماء كالمركوب في الأرض. {بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} متصل ب {اركبوا} حال من الواو أي اركبوا فيها مسمين الله أو قائلين باسم الله وقت إجرائها وإرسائها، أو مكانهما على أن المجرى والمرسى للوقت أو المكان أو المصدر، والمضاف محذوف كقولهم: آتيك خفوق النجم، وانتصابهما بما قدرناه حالاً ويجوز رفعهما ب {بِسْمِ اللَّهِ} على أن المراد بهما المصدر أو جملة من مبتدأ وخبر، أي إجراؤها {بِسْمِ اللَّهِ} على أن {بِسْمِ اللَّهِ} خبر أو صلة والخبر محذوف وهي إما جملة مقتضية لا تعلق لها بما قبلها أو حال مقدرة من الواو أو الهاء. وروي أنه كان إذا أراد أن تجري قال بسم الله فجرت، وإذا أراد أن ترسو قال بسم الله فرست. ويجوز أن يكون الاسم مقحماً كقوله:
ثُمَّ اسْمُ السَّلاَم عَلَيْكُمَا ***
وقرأ حمزة والكسائي وعاصم برواية حفص {مَجْرَاهَا} بالفتح من جرى وقرئ: {مرساها} أيضاً من رسا وكلاهما يحتمل الثلاثة و{مجريها ومرسيها} بلفظ الفاعل صفتين لله. {إِنَّ رَبّى لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} أي لولا مغفرته لفرطاتكم ورحمته إياكم لما نجاكم.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11